الدرس |يحاول الكثير من الأساتذة والمعلمين استخدام الطرق المختلفة والوسائل المتعددة كي يستطيعوا السيطرة على الطلاب داخل الفصل الدراسي. ويبحثون عن الوسيلة المُثلى والأنسب لهم وللفئة التي يعّموها سواء كانوا أطفالا ًفي الروضة أو طلابا ًفي المدرسة أو الجامعة .
حيث أن جميع الصفوف الدراسية على اختلاف فئاتها العمرية والفكرية تحتاج إلى مزيج من الحزم واللين لضبطهم والحرص على حصولهم على الفائدة المرجوة من الدرس. وايصال المعلومة إليهم بكل سلاسة ويسر، وليس من السهل على أي معلم تنفيذ هذه الخلطة السحرية شبه المستحيلة. فهو أمر قد يكون أشبه بالمعجزة التي لا يقوم بها إلا الأنبياء، فالصراخ لا يُجدي نفعا ً. فالأستاذ الذي يتعامل مع طلابه بصوته العالي لا يكسب منه سوى الخوف منه ظاهرا ًوالنقمة وعدم الاحترام والسخرية منه باطنا ً .
ولكن مع سنوات العمل واكتساب الخبرة لدى المعلمين أصبح بإمكانهم التعرف إلى سر تلك الخلطة السحرية العجيبة والتي يقال عنها “سر المهنة”. فأصبحوا يتعاملون مع الكثير من المطبات والمواقف المحرجة أمام الطلاب بطريقة سهلة وممتعة .
الخبرة أولا ً:
يجب في بداية أي عمل بذل مجهود أكبر وارادة أقوى لأن ذلك هو ما سيحدد مستقبلك وطريقك فيه وأسلوبك في العمل الذي لن يكون من السهل أن يتغير بعد ذلك. وَضَعْ في ذهنك أن تكون خلال هذه الفترة مجرد طالب تتعلم ممن حولك ومن طلابك أيضا ً، اذ أن الطلاب هم الوحيدين الذين يمكن أن تتعلم منهم كيف تتعامل معهم. وفهمك لهم ولما يريدونه منك خلال الدرس سيجعل التعامل معهم وضبطهم أمرا ًسهلا ًوممتعا ً .
الثقة بالنفس وقوة الشخصية :
حيث لا يوجد مكان للمعلم ضعيف الشخصية والذي لا يثق بنفسه وبقدارته، ولا يملك أدواته الكثيرة التي تساعده أثناء اعطاء الدرس. وكذلك المعلم الذي يدخل على الطلاب بخطوات غير واثقة من مكانها ويقلّب الكتاب أمامه ولا ينظر إلى عيون الطلبة، ويتحدث بتوتر وجمل غير مترابطة. لذلك يحتاج هذا الأستاذ إلى صقل شخصيته واعادة حساباته والبحث عن وسيلة لتقوية شخصيته والثقة بنفسه أكثر وبما يقوم به .
التحضير الممتاز قبل الدخول للدرس :
يعد التحضير الجيد قبل الدخول لإعطاء الدرس، وادخال كل ما يلزمه إلى داخل الصف وسيلة هامة في تقوية شخصيته وثقته بنفسه. ففي البداية ستجد نفسك تفهم أي معلومة كأنك تتعلمها للمرة الأولى وتبحث عنها في الانترنت لتقرأ عنها وتتعمق بها، ويمكن أيضا ًأن تشاهد فيديوهات تتعلق بها. ولكن لاحقا ًمع الخبرة وتكرار الدروس يصبح الأمر أكثر سهولة، مما يساعدك في اعطاء الدرس وايصال المعلومة للطلاب بشكل أكثر سلاسة .
التنويع في أساليب اعطاء الدروس :
أول ما يسبب الفوضى في الصف هو تسلل الملل إلى نفوس الطلاب، فتختلف ردات الفعل بين من ينام، ومن يشتغل نفسه بشيء آخر. ومن يحاول لفت نظر المعلم، ويكلف هذا ويلتفت إلى ذاك وهذا كله بالتأكيد يجعلك تفقد تركيزك ويجعل الدرس يفلت من يديك. لذلك لابد من تجنب الوسائل التقليدية في اعطاء الدروس، واعتماد وسائل التعلم الفعّال والألعاب والعصف الذهني، ومفاجئتهم كل مرة بفكرة جديدة مبتكرة. مما يجعلهم يترقبون ما ستفعله خلال الدرس وينتظرونه بفارغ الصبر. اذ أن درسا ًمميزا ً أو فكرة ممتعة كل بضعة دروس سوف تجعلهم يترقبون دائما ًما ستفاجئهم به ولا يشعرون بالملل .
المرح مع الطلاب والاهتمام بهم :
أنت كمعلم لا تريد أن تدخل عقول الطلاب فقط، وإنما في قلوبهم أيضا ًلأنك بذلك تبني نفوسهم وتترك فيهم بصمة وفي شخصياتهم أثرا ًكبيرا ً. فلا مانع من أن تستقبلهم عند الصباح بابتسامة جميلة أو تلتقيهم بها في الممرات، لذلك كن مرحا ًمعهم وتبادل الأحاديث وتفقد أحوالهم. فهذا سيقربك منهم ويجعلهم يقبلون منك أي نصيحة أو واجب تكلفهم به .
ترك المشاكل والهموم الشخصية عند باب الصف :
عزيزي المعلم اترك مشاكلك عند باب الصف وخذ نفسا ًعميقا ًوادخل على الطلاب بوجه آخر، فالمشاكل ستنتظرك حتى تنتهي من درسك وأنت تعطيه في حالة نفسية مرتاحة. لذلك لا تدخل عليهم وتبدو على وجهك علامات الاستياء من مشاكلك أيا ًكان نوعها أو مصدرها، لأنهم سيعرفون هذا فورا ًوسيكتشفون نقطة ضعفك وربما يستفزوك أكثر. بالإضافة إلى أن عصبيتك ستنعكس بشكل سلبي على سير الحصة الدراسية وجودتها مما يعطي عنك انطباعا ًسيئا ًلن تستطيع تغييره بسهولة .
التواجد بين الطلاب :
حاول دائما ًأن تتواجد بين طلابك فلا تجلس طوال الوقت في الدرس، ولا تقف أمام السبورة وأنت تشرح، بل تحرك بين الطلاب وكن قريبا ًمنهم. وانظر ماذا يفعلون خاصة ًأثناء النشاطات التي يقومون بها مما يقوي علاقتك بهم ويساعدك على ضبط الصف وعدم شيوع الفوضى فيه .
لا تصرخ.. لا تصرخ.. لا تصرخ
الصوت العالي دليل على ضعف الشخصية، فصوت المدرّس العالي دليل على فقدانه لكل أدواته وأساليبه التي يملكها لضبط صفه الدراسي. مما يجعل موقفه ضعيفا ًأمام الطلاب، وبالفعل الطلاب أذكى مما تتخيل ويعرفونك بشكل عميق أكثر مما تتصور. لذا فقد يستغل بعضهم هذه الفرصة التي تدل على ضعف الأستاذ لاستفزازه أكثر مما يُفقده السيطرة على الصف .
انتظار الطلاب حتى يهدؤون :
كاستكمال لتجنب الصراخ في الفصل، عندما تدخل إلى الصف مثلا ًوتكون هناك فوضى هذا يصرخ وذاك يفتح حديثا ً… الخ فقط ابق هادئا ًوصامتا ًوانظر إليهم بحزم. ستجدهم أصبحوا في اماكنهم وينتظرونك حتى تبدأ، فالصمت والهدوء وسيلة قوية لإعادة السيطرة على الفصل الدراسي .
في النهاية.. التعليم هي المهنة الوحيدة التي لا يصلح أن يكون فيها من لا يحبها، فأحبب ما تعمل أو اعمل ما تحب. فحتى تتقن في مهنة التدريس يجب أن تحبها أو تقوم بها برغبة داخلية وشعور بالمسئولية. فمكانك كمعلم هو مسئولية أكثر منها مهنة لأن بين يديك ستنشأ الكثير من الأجيال والتي ستتأثر بما تقوم به .