
التربية البيئية ودورها في حل قضايا البيئة
تعتبر كل من الجهود والمحاولات التي قد تبذل في مجال حماية البيئة، والتي قد تتمثل في فرض كل من التشريعات والسياسات البيئية من أجل تنظيم استغلال المصادر الطبيعية، وكذلك صيانتها فقد وجدت أنها لوحدها لا تكفي ذلك لكي يتم ضمان التصرف السليم من قبل الأفراد نحو البيئة، حيث أننا قد نجد أن الأساس في ذلك هو العنصر التربوي بدرجته الأولى، والسؤال الذي لا بد من طرحه هنا لماذا لم تتحسن أحوال البيئة رغماً من سن التشريعات والسياسات البيئية ؟
والجواب قد يتمثل في أن الانسان قد يحترم كل من التشريعات والقوانين إن وجدت السلطة الرقابية إما إذا لم توجد فإنه لا يهتم، أما التربية فهي أن يتم احترام الشيء بوازع من الضمير، لذلك كان يتوجب من تغيير النظرة من كسب حالي إلى كسب مستقبلي، فإن الحل الأمثل يكمن في تكوين الانسان وتوعيته التوعية التامة التي قد يصل إلى ضميره ويتحول إلى قيم اجتماعية لديه توجه سلوكه اليومي، وقد تعده جزءاً من هذه البيئة ومسؤولاً عن عدم الاخلال بها، وهذا ما قد يُعرف بالتربية البيئية.
فالتربية البيئية فهي ليست مجرد من المعلومات التي تدرس عن مشكلات البيئة كالتلوث وتدهور الوسط الحيوي واستنزاف الموارد، ولكنها من الممكن أن تتمثل في جانبين:
- هو أن يتم إيقاظ الوعي الناقد للعوامل السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والأخلاقية التي تكمن في جذور المشكلات البيئية.
- · أيضاً تنمية القيم الأخلاقية التي تعمل على تحسين طبيعة العلاقة بين الإنسان والبيئة.
وفي ضوء ما قد سبق ذكره فقد يمكن تعريف التربية البيئية على أنها:
هي عبارة عن عملية تربوية قد تهدف إلى تنمية الوعي لدى سكان العالم، وإثارة اهتمامهم تجاه البيئة بمفهومها الشامل والمشاكل التي قد تتعلق بها، وذلك في تزويدهم بالمعارف، وكذلك تنمية ميولهم واتجاهاتهم وأيضاً مهارتهم للعمل كونهم أفراد وكذلك جماعات من أجل حل المشكلات البيئية الحالية، وكذلك لتجنب حدوث مشكلات بيئية جديدة).
وعليه فإن الإطار العام لمواجهة المشكلات البيئية قد يكون من خلال التربية البيئية التي تعمل على خلق النمط السلوكي الصحيح تجاه البيئة، ولا يتوجب أن ينظر إلى موضوع التربية البيئية على أنه مجرد موضوع آخر يناقش مع غيره من الموضوعات ليجد مكانه في البرامج الدراسية الراهنة، بل أنه يجب أن ينظر إليه على أنه وسيلة لكي يتم إيجاد نوع من الوحدة لعملية التعليم في عقل الدارسين.
لذلك فإن البحث في معالجة المشكلات البيئية قد يتطلب نمطًا جديدًا من التعليم والبحث قد يساير متطلبات التغيير في الحياة من كافة جوانبها، كما أن أغلب المشكلات البيئية ليست ذات طبيعة عامة واحدة على مستوى العالم لأنها قد تكتسب ملامح وأيضاً مؤثرات محلية ووطنية وقد تختلف باختلاف كل من المناطق والتضاريس الجغرافية، أي أنها نفس أشكال وصور متعددة.
ولقد جاء في توصيات مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية الذي قد عقد في استوكهولم (بالسويد) عام 1972 التأكيد على الاهتمام بما يسمى بالتوعية البيئية أو التعليم البيئي التي هي مسميات لفكرة واحدة هدفها توعية كافة قطاعات المجتمع بالبيئة، وقد أدت هذه التوصيات لظهور برامج للتوعية التي تظهر في وسائل الإعلام، كما قد استوعب رجال التربية هذا الهدف ذلك من خلال تطعيم المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة في التربية البيئية.
ولا بد أن تشمل التربية البيئية كافة فئات الشعب، حيث أنها ليست وظيفة المدرسة فقط بل إنها مهمة كل من المدرسة وأيضاً البيت ووسائل الاعلام وكذلك المنظمات الجماهيرية والجمعيات العلمية والمهنية حيث أنهم لا بد أن يشاركوا في نشر الوعي البيئي الذي قد يهدف لتوضيح العلاقات الأساسية التي تربط بين كل من الإنسان والبيئة، مع حث الأفراد على انتهاج أنماط من السلوك تنموعن الإحساس بالمسئولية نحو البيئة بقصد حمايتها وتحسينها باستمرار.
فإن الخطر الآجل المتمثل في أخطار بيئية، مثل :الاستنزاف غير الصحيح لمصادر الثروة الطبيعية والبيولوجية، وكذلك تلوث الأرض والماء والهواء، وأيضاً الأمراض والقضاء على الكثير من الحيوانات، وبالإضافة إلى اجتثاث المساحات الخضراء، والزحام، والضوضاء والأوبئة، فمن الممكن درؤها باستخدام التربية البيئية التي تشمل كافة شرائح وفئات المجتمع، كل حسب عمره وعمله، وبهذا الأسلوب من الممكن مواجهة المشكلات التي تثيرها البيئة وذلك أمام المجتمع الحديث المعاصر بالتربية البيئية التي قد تهدف إلى غرس الوعي البيئي والأخلاق البيئية
فلقد أصبحت مهمة الجامعات لا تقتصر علي مسئولية التعليم وكذلك البحث العلمي، فقد أصبح من أهم وظائفها إجراء كل التحليلات التقنية لمشكلات البيئة الكثيرة التي قد تواجه المجتمع في الوقت الحاضر، وأيضاً إيجاد كل من الحلول المناسبة لها، ولكي تؤدي الجامعات العلمية دورها الأساسي في مساعدة الإنسان على التطور والتقدم فقد أصبح ملزماً على جميع المؤسسات التربوية مساعدة المتعلم على إدراك بعض المفاهيم المعينة اللازمة ليتم إعداد مجتمع يكون ملم بأحوال البيئة.
فتوعية المواطنين في خصائص الطبيعة، وكذلك طرق المحافظة عليها لا بد أن تشملها المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية حتى المرحلة الجامعية، وقد يتعين على التربية البيئية أن تساعد كل من جمهور المتعلمين ليتم إدراك وفهم العلاقات القائمة بين كافة العوامل البيولوجية، والفيزيائية، وأيضاً الاجتماعية، والاقتصادية التي تتحكم في البيئة من خلال آثارها المتداخلة في الزمان والمكان، وتنمية الفهم للمصادر الطبيعية وطرق صيانتها، وحتى استغلالها وتدريس أهم الحلول التي من الممكن أن تعالج مشكلات المحافظة على المصادر الطبيعية على المستويات المحلية والعالمية.