تتعدد الأدوار التي تسهم في صنع الشخصية القيادية، ويبقى للمدرسة الدور الأهم والأقوى في اكساب الطالب مهارات القيادة من خلال ما تقدمه لهم من معلومات وخبرات. ونجاح المدرسة في تحقيق ذلك أمر مرهون بمدى جودة البيئة التعليمية فيها فإذا كانت من الكفاءة فإنها تستطيع أن تعزز مهارات الطلاب وتؤهلهم ليكونوا ضمن قادة المستقبل.
إن تنمية المهارات القيادية لدى الطلاب أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال منظومة عمل متكاملة الخطط وواضحة الأهداف والتي أهمها تحقيق الجودة العلمية. وإتاحة فرص التعليم المناسبة والتي تُنتِج مخرجات تعليمية عالية المستوى وذلك مع تفعيل المدرسة نوعا ًمن الشراكة المجتمعية كأحد الأهداف التي وجدت من أجلها .
اذ أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب وضع آليات كجهاز الرقابة المدرسية والذي يجب أن يعمل وفق مؤشرات أداء تغطي كافة الجوانب المدرسية من المعلم إلى المنهج. مرورا ًبالطلاب ووصولا ًإلى معايير الأمن والسلامة داخل المدرسة، بحيث يفهم كل طرف دوره في هذه المنظومة .
وتمثّل هذه المؤشرات ركيزة أساسية في تقييم مستوى المدارس ومؤشر إلى مدى نجاحها في تخريج طلاب بالمهارات العلمية التي تصنع منهم قادة المستقبل. ويتمثل ذلك في التركيز على ايجاد مدارس ذات نوعية متميزة في كافة المراحل التعليمية المختلفة. وكذلك تتحقق الشراكة من خلال ربط المدرسة بالمجتمع الخارجي عن طريق برامج وأنشطة متعددة الأهداف، على أن يقاس أثر ذلك على الطالب. من حيث التعليم ومدى اكتسابه المهارات المختلفة ومنها مهارة القيادة المدرسية .
والسبيل الوحيد للحديث عن قدرة المدرسة على صناعة قادة للمستقبل من عدمها هو النجاح في توفير منظومة تعليمية عالية المستوى ومتكاملة الجهود. وواضحة في أدوارها ومحددة الأهداف، وذلك من خلال قدرة المدرسة على طرح برامج من شأنها صقل مهارات التفكير الاستراتيجي ومهارات الاتصال القيادي. ومهارات ادارة الوقت ومهارات حل المشكلات ومهارات العرض والتفاوض والتي تعتبر كلها من مواصفات القادة. كذلك تساعد في تعليم الطفل مهارات العمل الجماعي وتقبل الآخرين والتعاون معهم حبهم، كما أن رفع وتأدية تحية العلم. تعوّد الطفل على تعلم التضحية والولاء والالتزام .
وتعد المدرسة أحد أهم الأماكن التي يتعلم الطفل فيها مبادئ وأسس ومهارات القيادة من خلال تجاربه المدرسية. كما أنها بحد ذاتها كمؤسسة تربوية تساهم في تعليم الطفل الانضباط واحترام الكبير .
ويجب أن تكون المدارس قائمة على تعليم عالي الجودة وفق معايير عالمية وذلك حتى نحصل على مخرجات تعليمية متكاملة وشاملة وذات كفاءة عالية. بحيث تلبي احتياجات المجتمع من كافة التخصصات، وإعداد قادة للمستقبل في مختلف مجالات العلوم والمعارف .
بداية مبكرة :-
إن صناعة القائد تبدأ من مراحل الطفولة المبكرة والتي تعتبر مرحلة مهمة جدا ًفي حياة الطفل اذ أن هذه المرحلة تشهد تطور معقد لشبكات الأعصاب والدماغ. ونمو وظائف عدة لدى الطفل تتطلب تأدية أدوار مهمة تساعد الطفل على اكتساب المعرفة التي بدورها تسهم في تنمية مهاراته وتوجيه سلوكياته. بما يتوافق مع مبادئ التربية والتعليم الصحيحة .
كما يجب التنويه إلى أن دور المعلّم كبير هنا اذ يرجع إليه الفضل في تنمية مهارات القيادة لدى الطالب من خلال التوجيه وغرس القيم والمبادئ. التي تخلق قائدا ًمميزا ًفي المستقبل، وكذلك أخلاق المعلم وسلوكياته تسهم إلى حد كبير في تشكيل مهارات الطالب القيادية .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مناخ البيئة المدرسية ومواءمة المنهاج الدراسي، وكفاءة الطاقم العلمي، ومقدار مشاركة أولياء الأمور. جميعها أمور من شأنها أن تحدد ما اذا كانت هذه المدرسة قادرة على اعداد قادة المستقبل أم أن العلمية التعليمية فيها ليست بالكفاءة المناسبة لذلك .
طرق التدريس :-
وتتمثل أهمية طرق التدريس في تنمية المهارات القيادية للطالب في التركيز على طرف التدريس وليس المحتوى فقط، حيث يجب خلق علاقة متوازنة بين ما يجب أن يتعلمه الطالب. وكيف يستطيع تعلمه، اذ تركّز طرق التدريس على تنمية جوانب مهمة لدى الطالب بما بتعلق بطريق التعامل مع هذه المعلومة. من حيث تعلم طرق البحث عنها والقدرة على نقدها وتصحيحها، ومهارات المقابلات، ووسائل التفطير العلمي . فمن شأن ذلك كله أن ينمي قدرة الطالب النقدية والتي تمثل أحد أهم مفاتيح القيادة، لأن من يمتلكون القدرة على تغيير المسارات. هم ذاتهم من يملكون مهارات المواءمة والتكييف والقدرة على الخلق والابداع والنقد والتجديد، وكل ما سبق من سمات القائد .
التعليم التعاوني :-
إن أسلوب التعليم التعاوني او نظام المجموعات يسهم في ظهور قائد للمجموعة بشكل ذاتي يمارس مهام القائد من خلال القيام بعملية تنظيم المجموعة. وتوزيع المهام والأدوار، وإدارة الاجتماعات وحل المشكلات والتعاون في انجاز العمل. وهذه جميعها ممارسات قيادية بامتياز تعطي أولى المؤشرات على أن هناك قائد يضع أقدامه على سلم القيادة .
الثقة :-
حيث أن اكتساب المهارات القيادية يتوقف على أسلوب المعاملة من قِبَل المعلم، فإذا كانت هذه الأساليب خاطئة فإنها تقلل من رغبة الطالب في اظهار مهاراته القيادية. خوفا ًمن النقد أو التجريح، ومع غياب الثقة والدعم وسوء المعاملة قد يبدأ الطالب لانطواء والانكفاء على نفسه. في حين يسهم اللين في المعاملة في بلورة شخصية الطالب القيادية وزيادة ثقته بنفسه، كما أن الدعم المتواصل يؤدي إلى الارتقاء بهذه الشخصية لتكون أكثر نضجا ً.